
في الوحدة المسكونية (٤)
***********************
- تكلمنا في المقال الثالث عن إنعطاف كيان الإنسان الطبيعي إلي ذاته ، وكيف أنه يقوده بالضرورة إلي الإنعطاف نحو الله مصدر الذات الإنسانية . وأيضاً إنعطاف الإنسان نحو قريبه المخلوق أساساً إمتداداً له ، وعلي مثال خلق حواء من آدم .
هذا استعلنه الله في بدء الخلق وكذلك إستعلنه في ”ملء الزمان“ بظهوره في الجسد ” ولما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس،" (غلاطية 4: 4) يسوع المسيح ”أبن الله وابن الإنسان“ والذي يجتمع الكل في ناسوته ”جسده ، ملء الذي يملأ الكل في الكل." (أفسس 1: 23).
- وتأسيساً علي هذا الحق الذي صرَّح به الرب يسوع المسيح : ” ليكون الجميع واحداً، كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضا واحداً فينا .. ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد“ ( يوحنا ٢١:١٧) نفهم الآتي :
# الوحدة المسيحية قبل أن تكون أجتهاد بشر ، هي إجتذاب المسيح :
———————————
- فالوحدة أصلاً هي جوهر إلهي وليست موضوعاً خارج كيان الله ، وإلا كانت باهتة .
- لذلك فإن الوحدة المسيحية تَنشأ كضرورة حتمية ونتيجة مباشرة لإتحاد الإنسان بالله : ” لا يستطيع أحد أن يٌقبِل إلي إن لم يجتذبه الآب“ ( يو ٤٤:٦).
# خداع العاطفة بروحنة ” الأنا “ والجهد الإنساني كمصدر للوحدة بديلاً لله :
———————————
- شرحنا في مقال ( ٣ ) أن العاطفة هي الأقرب للروح مما يسهل أن يصير الجهد الإنساني بحوافز عاطفية هو الدافع إلي الوحدة كبديل عن الله .
- خطورة الوحدة الروحية القائمة علي العاطفة ، أنها تستعير القيم الروحية لمجد وتعظيم الذات بمعزل عن الله . لذلك تكثر ” التفاهمات“ و ليس ” النعمة “.
- ومثال هذا كان حادثة بناء ”برج بابل“ بعد نهاية الطوفان إذ شرع نسل نوح في بناء برج بابل في سهل شنعار بغية أن يجمعهم مكان واحد من الأرض فلا يتبددون على وجه البسيطة الواسعة. وكان في قصدهم جعل العالم كله مملكة واحدة عاصمتها هذا المكان وليقيموا لأنفسهم اسمًا ومجدًا دلالة على كبريائهم وتشامخ نفوسهم (تكوين 11: 4)
# الوحدة المسيحية التي يقودها روح الله يحفظها من نوازع الجسد والعاطفة :
———————————
"لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله." (رو 8: 14)
” المولود من الجسد جسدٌ هو ، والمولود من الروح هو روح“ ( يو٦:٣)
” الذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله“ ( رو٨:٨).
# الوحدة المسيحية ليست هي الطريق إلي الله بل العكس
فالإتحاد الشخصي بالمسيح هو الطريق لاستعلان الوحدة المسيحية .
———————————
الوحدة المسيحية ضرورة فردية لكي تتحقق كنسياً . فعندما يسكن الله قلب الإنسان ويُرَي فيه ويَمتلئ بصفات الله يُدرِك الوحدة في عمقها وتصير هدفاً للإنسان كما هي للمسيح
” ليكونوا واحداً فينا. ( يوحنا ٢١:١٧).
# الوحدة المسيحية هي إلتصاق و تماهي ”الأنا“ في المسيح ” الرأس “
علي مستوي الفرد والكنيسة :
———————————
( أقرأ مقال ٣ )
” تحب الرب إلهك من كل قلبك ونفسك وفكرك … وتحب قريبك كنفسك“ ( متي ٣٧:٢٢)
فالإنسان المسيحي يطلب الوحدة المسيحية لأنه يطلب الله.
الوحدة هي نضج في الإيمان والروحانية . والعكس صحيح .
( يُتبَع)
والسُبح لله .
بقلم د. رءوف أدوارد.

د.رءوف إدوارد
التعليقات (0)